حرب الخليج.....(5)
- areej62
- 24 سبتمبر 2021
- 3 دقيقة قراءة
الثلاثاء 19.02.1991
9- إسرائيل – الموقف الرسمي، واليسار، ونحن و.. حرب الخليج
إسرائيل غير مشتركة رسمي، في القتال. أما التنسيق، فقائم طيلة الوقت، وتجري أمور أخرى من تحت الطاولة. ونحن لسنا في موقع يمكننا من معرفة أسرار المطابخ والدهاليز العسكرية، وان كانت التجربة علمتنا أن ننظر بعين الشك الى التصريحات الرسمية في القضايا "الأمنية" العليا. ولكن حكومة إسرائيل متماثلة تماما مع الموقف الأمريكي وحربه العدوانية، وكاثوليكية أكثر من البابا، وتتحرق شوقا للمشاركة فيها "حتى لا تخرج من المولد بلا حمص". والتصريحات الحربجية تنطلق على مدار الساعة منذ بدء الأزمة، واشتدت بعد بدء القتال. القرار الحكومي قائم في أنهم جاهزون و"تحت الضرب"، أما التوقيت ومدى التنفيذ، فيأتي في اللحظة المناسبة، التي نختارها "نحن" (اقرأ: "هم" – الأمريكان)، ليفعلوا ويتركوا بالعراق ويروه نجوم الظهر.
بناء على طلب رئيس الحكومة شمير، الذي أحس بقرب انتقال الولايات المتحدة الى المعركة البرية (التي يعتبرونها حاسمة)، هرول وزير دفاعه آرنس الى واشنطن، حاملا رسالة شمير الى بوش في أقصر زيارة...لمدة 12 ساعة فعلا (يوم 11.02) للضغط على الأمريكان والتنسيق وتجديد عرض خدمات الحكومة الإسرائيلية.
ان ادعاء ضبط النفس المتكرر هو بالذات، شكل التعبير عن نفاذ الصبر الذي يأكلهم. ولكن ما يمنعهم من الانفلات، هو أن الولايات المتحدة لم تعطهم، بعد، الضوء الأخضر، حرصا على حلفها العدواني الهش. أما للمستقبل فمن المحتمل، نتيجة لمفاجآت قد تقع في سير القتال، أن يحصلوا عليه حتى بثمن الحلف الهش مع دول المنطقة، لأنه اذا كان هذا الحلف عابرا وتكتيكيا، فان حلفها مع إسرائيل هو استراتيجي ومستقر. هكذا نفهم تصريح شمير (معاريب 13.02: اذا كنا نتصرف اليوم بضبط النفس، فليس معنى هذا أننا سنتصرف هكذا غدا. عندما نتخذ أي قرار، يجب أن نأخذ بالحسبان احتياجات ووضع الولايات المتحدة".
ان القصف الصاروخي على إسرائيل هو، في أساسه، قصف سياسي – نفساني، والمقصود به تأكيد الارتباط (لينكج). ان كل المتفجرات التي حملها هذا القصف لا تساوي في حجمها ومفعولها حتى حمولة طائرة واحدة.
ولقد أحدث هذا القصف فزعا إنسانيا عاما ومشروعا. نددنا ونندد بهذا القصف لمناطق مدنية، آهلة بالسكان الآمنين. ومن ناحية أخرى لان من شأنه أن يعطي الحكومة محفزا للمشاركة الإسرائيلية في الحرب. الامر الذي هو شديد الخطورة، نرفضه ولا نريده. انه، من ناحية يضيف قوة عسكرية أخرى جدية للعدوان، ومن ناحية ثانية من الممكن أن يجري استغلاله لتبرير الظواهر المحتملة، التي قد ترافقه، وخصوصا مخطط الترانسفير، والمجازر الجماعية على غرار دير ياسين وكفر قاسم، لأنه لا ترانسفير بدون مجازر جماعية، حتى ولو كان جزئيا ان لم يكن كليا.
والحديث عن الترانسفير ليس نظريا، لأن المخطط جدي. وحكام إسرائيل يجدون من الضرورة، وليس صدفة، أن يذكروننا بالترانسفير الجماعي سنة 1948.
ونحن نستعيد باستمرار ما أعلنه، قبل سنوات، الجنرال احتياط اهرون يريف، رئيس الاستخبارات الإسرائيلية من قبل ومدير معهد البحوث الاستراتيجية اليوم، من أن "مخطط الترانسفير لطرد 700 الى 800 ألف عربي، جاهز حتى أدق التفاصيل، بما في ذلك الشاحنات التي تحمل الناس الى الحدود، وان تنفيذه رهن بالظرف المناسب لذلك" أي حرب في المنطقة.
ويجيء قرارا الحكومة والكنيست، قبل أيام بضم العنصري الفاشي، داعية الترانسفير رحبعام زئيفي الى الحكومة وفي هذا الوقت بالذات، اعلانا رسميا عن هذا المخطط. ان المقصود هو تلميح صريح للفلسطينيين، في المناطق المحتلة على الأقل، مما يدعو الى أشد اليقظة. أما عمليات الاعتقال الواسعة الإدارية وغيرها للعرب في المناطق المحتلة وفي إسرائيل، على خلفية موقفهم السياسي من حرب الخليج والوضع الراهن وحقهم في حرية الرأي والتعبير، فهي كالسيف المسلط على الرؤوس وأمر بكم الأفواه وإلا....
ومن المؤسف أن الإجماع السياسي – الصهيوني، لا يقتصر على الحزبين الكبيرين وأحزاب اليمين، بل ويشمل قوى ديمقراطية فعلا وذات طابع يساري عام، طبعا باستثناء أوساط محدودة من الشيوعيين والآخرين.
ان صيانة وتوطيد الوحدة السياسية واليومية لجماهيرنا العربية وقواها السياسية، التي تلتقي على أساس الثوابت القومية والمطلبية، هي اليوم قضية الساعة أكثر من أي يوم مضى، مع بنائها، من قبل الجميع، على صدق النوايا!
وليست الاخطار المتوقعة فحسب، هي التي تستدعي ذلك، بل والاخطار الواقعة: المصادرات وسلب الأرض، والبطالة، والقبضة الحديدية، والإرهاب البوليسي واجراءاته القمعية، وخصوصا الاعتقالات الواسعة على خلفية حرب الخليج وحرية الرأي والتعبير في الموقف منها، وسياسة التمييز العنصري، وما يرافق وضع الطوارئ من التحريض الدموي المنفلت المعادي للعرب.
(انتهى)
تعليقات