top of page

تـوفـــيق زيـّــادالظــاهـرة ... والإنســان

  • areej62
  • 24 سبتمبر 2021
  • 15 دقيقة قراءة

بقلم: مصـلح كـناعنة


مجلة التراث والمجتمع، العدد 47 (2007)، ص 173-188

لا دمي تشربه الأرضُ ولا روحيَ تهدا فاقـتـلوني - أتحدّى واصلبوني - أتحدّى وانهبوا كسرة خبزي - أتحدّى واهدموا بيتي وخلّوه حطاما - أتحدّى وكلوني واشربوني - أتحدّى وطني أنت المفدّى والأماني التي تقطر شَهدا وطني الحرقة والوجد الذي يأكل عمري والهوى والضوء في عينّيّ والشوق الذي يملأ صدري

هذه الأرض بلادي وسماها ولعي حاضري.. مستقبلي.. مهدي ولحدي ودمي.. لحمي.. فُؤادي.. أضلعي وهي أمي وأبي وهي أبنائي وجدّي وتراثي.. وأغانيّ.. وأعلامي ومجدي بيتيَ العالي وعنوان التحدّي وأنا الناس الحزانى وأنا الشعب المعذّبْ وأنا العاصفة الهوجاءَ في وجه المظالمْ وأنا النهر الذي يجري ويجري جارفاً كلّ الطغاة وأنا بركان عشقٍ للوطنْ وأنا الخضرة والشمسُ وقطرات الندى فاقتلوني - أتحدى واصلبوني - أتحدى

لا دمي تشربه الأرضُ ولا روحيَ تهدا

_____________________________________

كثيرون هم المناضلون والقياديون والخطباء والشعراء الذين عرفهم الشعب الفلسطيني عبر تاريخه، إلا أن توفيق زياد يختلف عنهم جميعاً من حيث أنه كان كل هؤلاء في شخص واحد، وكان كل هؤلاء ببراعة وامتياز يكادان يصلان حد الكمال. فقد كان توفيق زياد مناضلاً لا يكل ولا يلين، وقائداً حذق القيادة وأتقنها وكأنه لم يُخلق إلا لها، وخطيباً عرف كيف يحرك بكلماته أفئدة الجماهير وسواعدهم ثم ينخرط في صفوفهم كواحد منهم، وشاعراً عرف كيف يجسد في الكلمة والنغمة عشقه لفلسطين وحنقه على مغتصبيها، فاخترقت أشعاره الحواجز وسافرت عبر الحدود لترددها حناجر المطربين والمناضلين وطلاب المدارس وربات البيوت على حد سواء. وهكذا قضى توفيق زياد حياته متنقلاً بين الزنزانة والمظاهرة والقصيدة والمعركة، متجذراً في أرض الكفاح ومحلقاً في فضاء اللغة على أجنحة الكلمات والصرخات في آن واحد... وهكذا كان يمتزج فيه العشق بالغضب، والحزن بالفرح، والألم بالأمل، والشاعر الذي يَنـْظمُ بدم القلب أشعاره بالقائد الذي يقصف بعشق الأرض أعداءَه. ولم يكن توفيق زياد مناضلا وقائداً وشاعراً وخطيباً فحسب، بل كان كذلك رساماً، وباحثاً، وجامعاً للتراث الشعبي ومحللاً له.

باختصار، توفيق زياد هو ظاهـرة شهدها تاريخ هذا الجزء من الشعب الفلسطيني الذي بقي على أرضه حين عصفت رياح الغدر به فقوضت أيامه وأحلامه. وقد ظهرت هذه الظاهرة التي تدعى "توفيق زياد" إلى الوجود عام 1946 حين كان طالب مدرسة ملتهب الحماس يخرج على رأس مظاهرات طلابية تجوب شوارع الناصرة مطالبة برحيل المستعمرين البريطانيين والمستوطنين اليهود. ثم تلاحمت هذه الظاهرة مع مصير شعبها في أواخر أيار من عام 1948، حين فرضت قوات الاحتلال الصهيوني طوقاً على الحي الشرقي من الناصرة الذي كان يسكن فيه الشاب توفيق زياد، وجمعت الشبان والرجال في ساحة عامة بانتظار الشاحنات التي كانت ستنقلهم شمالا لترحيلهم إلى لبنان، وأمرهم الجنود بالجلوس "جلسة القرفصاء"، فما كان من توفيق وعدد من أصدقائه إلا أن رفعوا حناجرهم بهتافات الرفض والصمود، وحولوا جلسة القرفصاء الذليلة إلى مظاهرة صاخبة علا فيها الجالسون شرفا وقوة على الواقفين، فأفشلوا بذلك مؤامرة الترحيل وظلوا مع من ظلوا على أرض فلسطين. وهكذا تحول اليافع الفقير إلى رمز للبطولة وتجسيد للصمود، والتحم الشخص بتضاريس الحاضر وآفاق المصير، وتحول الإنسان المفرد إلى ظاهرة يشهدها تاريخ شعب بأكمله. وبعد أن انفض غبار المعركة الأولى واتضحت الأبعاد المأساوية لنكبة فلسطين، وتحسس الناجون أنفسهم فوجدوا أنهم مثقلون بالجراح وقد تقطعت أوصال مجتمعهم وتبعثرت أجزاؤه في رحاب المجهول، وأنهم قابعون تحت السجان في سجن محكم الإغلاق لا ينفذ إليه أنين المتشردين... حينذاك نمت الظاهرة وتدفقت لتملأ الفراغ وتلملم الأشلاء وتضمد الجراح و"تدق جدران الصهريج". ففي الوقت الذي كان يعاني فيه فلسطينيو الـ 48 من صدمة زلزال النكبة وحمم بركان المشروع الصهيوني، وكانت المشايخ والزعامات القبلية – التي برزت فجأة "كالفطاريش على المزابل" – تتزاحم على أبواب مؤسسة الكيان الجديد، وكان الصمت المطبق يخيم على المجتمع كله كصمت الجريح الذي يتظاهر بالموت خشية أن يقوم القاتل بالإجهاز عليه... كان توفيق زياد يصول ويجول، يملأ الفضاء النازف بالصراخ والغناء، يجمع الشمل ويشحذ الهمم، ينفخ الرماد عن الجمر ويشعل في الصدور أملا كاد ينطفئ، يفتح الأفواه المكممة ويُعلم الناس النطق من جديد. ومن عتبة بيته المتواضع في الحي الشرقي في الناصرة نحَتَ توفيق زياد السيف والكلمة وخرج مناضلاً عنيداً يحاصر بعشقه للأرض عدواً انهزمت من أمامه الجيوش، ويصارع المتخاذلين والمتملقين من أبناء شعبه بلا هوادة، وينقل القضية وجماهيرها من مرحلة الهزيمة والخنوع إلى مرحلة الكفاح والصمود. ولا عجب، في حال كهذا، أن يتحول توفيق زيادة بسرعة خاطفة إلى بطل الجماهير العربية وقائدها وشاعرها وخطيبها، وأن يصبح رمزاً للتشبث بالأرض وتجسيداً للهوية الفلسطينية التي تأبى الزوال أو الخنوع.

من حقنا أن نرى في توفيق زياد ظاهرة فلسطينية ومرحلة من مراحل النضال الوطني للأقلية العربية في الدولة اليهودية، ومن حقنا أن نعتبره عنواناً يمثلنا وبطلاً يجسدنا ورمزاً نمتلك جميعاً حق الافتخار به. ولكن ليس من حقنا أن نختزل توفيق زياد الإنسان إلى ظاهرة أو مرحلة، وليس من حقنا أن نجرده من عفويته وبساطته لنحيله إلى رمز، فمن وراء الظاهرة كان الإنسان، وفي صميم الشاعر والقائد والمناضل والخطيب كان "أبو الأمين"، الأب والابن، والزوج والحبيب، والجار والصديق، وابن الحي المتواضع الخجول... وكان أبو الأمين فقيراً لم يبارح الفقراء حتى بعد أن بارحه الفقر، وبسيطاً لم يتخلَّ عن بساطته حتى بعد أن تعقد العالم أمام ناظريه، ومرهفاً لم يفقد شاعريته حتى في اللحظة التي فقد فيها الأمل بالبقاء على قيد الحياة بين يدي معذبيه الإسرائيليين. وأهم من ذلك كله، كان أبو الأمين مفعماً بحيوية الفلاح الكادح، يعشق الحياة إلى حد الإدمان وينهل منها فرحاً وضحكاً حتى الثمالة.

ولكي نلقي الضوء على إنسانية الظاهرة ونتعرف على "أبي الأمين" الإنسان في "توفيق زياد" الرمز، كان لي لقاء في الثالث من آذار المنصرم (2007) مع "نائلة زياد" زوجة أبي الأمين وحبيبته ورفيقة دربه التي اكتسبت منه خبرة النهوض من أحزان النكبة أكثر إصراراً وعنفواناً من ذي قبل، فاستخدمت هذه الخبرة في النهوض من نكبة رحيله المفاجئ عنها في الخامس من تموز عام 1994. هكذا التقيتها والتقيت بابي الأمين من خلالها... امرأة لا تعرف الهزيمة، تكرس حياتها لأسرتها وقضيتها بنفس التفاني والعزيمة. وكان اللقاء في غرفة الاستقبال التي ملأها أبو الأمين بكتبه وأوراقه وصور أعز الناس عليه وجعلها مكتبه وغرفة عمله وعرين نضاله. فلندع أم الأمين تحدثنا عن توفيق وتكشف لنا عن جوانب في شخصيته لم يعرفها أحد كما عرفتها هي:

على لسـان نائلـة زيـّاد (أم الأمـين):

ولد توفيق في الحي الشرقي من مدينة الناصرة في السابع من أيار عام 1929، لوالدين كادحين؛ أمٌ كان توفيق يقول عنها أنها علمته التواضع والدماثة ومحبة الناس، وأب عصامي مناضل كان على الرغم من تديّـنه وورعه الشديد منفتحاً على الغير متقبلاً لأفكار الآخرين، فكان يحفظ القرآن غيباً ويقرأ كتب ماركس بشغف، ولم ير أي تعارض بين الدين والشيوعية بل رأى في كليهما ثورة على الغبن والاستغلال، ولكنه كان عنيدا كتوفيق، مما كان يؤدي إلى "المناقرة" بينهما في بعض الأحيان. وكان توفيق يكن لوالده احتراماً عظيماً، لكنه كان أقرب إلى والدته في أحاسيس العطف والمحبة، فظل طيلة حياته متعلقـاً بها، وكان حين يسافر إلى خارج البلاد يُعرِّج في طريقه على أمه فيودعها ويقول لها "بخاطرك"، وحين يعود من السفر يذهب إليها ليراها ويطمئن عليها.

عرفتُ توفيق منذ الطفولة، فنحن من نفس الحي، وكنت أراه يوميا. وحين كنت طفلة كان هو في بداية تفتحه كشاب. وحين التحقت بالشبيبة الشيوعية كان توفيق "رفيقا" في الحزب، وكان مسؤولاً عنا، فكانت علاقتي به كرفيق مسؤول وكشاعر يلهبنا حماساً بأشعاره الوطنية. أنا تربيت في بيت شيوعي وطني، فوالدي كان في ذلك الحين رئيس مجلس إدارة "الاتحاد"، وكان من الطبيعي أن أصبح "بنت الشبيبة".

في عام 1954 مر توفيق بأقسى تجربة في حياته، تجربة التعذيب الوحشي على يد المحققين الإسرائيليين. ففي مطلع ذلك العام فرضت السلطات الإسرائيلية على المواطنين العرب "ضريبة الرأس" يدفع بموجبها كل فرد عربي ضريبة موحدة للدولة، فثارت ثائرة العرب وخرجوا إلى الشوارع في مظاهرات ومسيرات احتجاجية، وكان للحزب الشيوعي الدور الأكبر في تأليب الشارع العربي على هذه الضريبة المجحفة. وفي السادس عشر من آذار عُقـِد الاجتماع الجماهيري المركزي في قرية عرابة البطوف، ووقع الاختيار على توفيق ليلقي الكلمة المركزية في هذا الاجتماع، فألهب توفيق النفوس والأجواء كعادته. وبعد أقل من 24 ساعة داهمت قوات الشرطة الإسرائيلية الناصرة واعتقلت توفيق بتهمة "الشغب" والسفر إلى عرابة بدون تصريح، واقتادته إلى معتقل طبريا، وكان ذلك المعتقل مشهوراً كوكر لتعذيب العرب. وبعد ضربه وركله بشكل هستيري من قبل عدد هائل من السجانين، قيدوا يديه ورجليه بالأغلال وعلقوه على باب الزنزانة. واقترب منه الضابط وأمسكه من ذقنه، فضربه توفيق برأسه، فأمر الضابط رجاله بربط رأسه بالحديد. ثم اقترب الضابط منه وشده من شعر رأسه وهو يكيل له الشتائم، فما كان من توفيق المصلوب على باب الزنزانة إلا أن بصق في وجه الضابط. ماذا كان يدور في ذهن توفيق في تلك اللحظات العصيبة؟ لقد روى لي توفيق أكثر من مرة أنه في إحدى اللحظات التي مرت عليه وهو مصلوب على باب الزنزانة ينتظر الجولة القادمة من التعذيب... "فتحت عيني ونظرت من طاقة صغيرة كانت في الجدار المقابل، فرأيت بحيرة طبريا والسماء الصافية من فوقها، وبدا لي صفاء وجه البحيرة بروعة لا توصف، فقلت في نفسي "يا بموت نظيف، يا بعيش طول عمري قذر وذليل"، وقررت في تلك اللحظة أن أموت نظيفاً." ولم ينته التعذيب عند هذا الحد، إلا أن توفيق لم ينكسر، وكان قراره بالموت نظيفاً كبحيرة طبريا هو الذي وهبه القوة على الصمود والتحدي ليعيش نظيفاً مدى حياته.

بعد خروجه من السجن في عام 1954، انتخب توفيق عضوا في المجلس البلدي لمدينة الناصرة كممثل عن "القائمة الشيوعية وغير الحزبيين" في أول انتخابات لبلدية الناصرة بعد نكبة عام 1948، وكانت رئاسة البلدية بيد الزعامات القبلية التي جندتها الأحزاب الصهيونية لخدمة أغراضها. ومنذ دخوله إلى المجلس البلدي كان توفيق يطالب باستمرار بفتح جلسات المجلس للجمهور، ولكنه كان يقابل بالرفض الدائم. وفي إحدى جلسات المجلس فوجئ توفيق ورفاقه بحضور مدير شرطة الناصرة "وِندِرمان" إلى جانب رئيس البلدية، فاعترض توفيق وصاح في وجه مدير الشرطة ورئيس البلدية: "الجلسة التي تكون مغلقة أمام شعب الناصرة لن تكون مفتوحة أمام مدير الشرطة." وأصر هو ورفاقه على موقفهم إلى أن أجبروا مدير الشرطة على الخروج من الجلسة، فحقق توفيق ما كان ينوي إليه، وهو تحطيم عنجهية السلطة وكسر مهابتها في نظر الناس.

عام 1958 أصدرت سلطات الحكم العسكري أمراً بمنع مظاهرة الأول من أيار في الناصرة وأم الفحم عقاباً على قيام أعضاء الحزب الشيوعي بتخريب احتفالات "عيد الاستقلال" التي حاولت السلطات الإسرائيلية إقامتها في الناصرة وبعض القرى العربية. ورداً على هذا المنع قرر الحزب الشيوعي تنظيم مظاهرة الأول من أيار في الناصرة على أن تبدأ المظاهرة بشكل سري ومباغت. وكانت الناصرة في ذلك اليوم تعج بقوات الشرطة، فما أن خرج الآلاف من المتظاهرين فجأة وبدءوا بالتجمهر في الشارع الرئيسي إلا أن داهمتهم قوات الشرطة وفرقتهم بالقوة، ثم اعتقلت 400 من المتظاهرين معظمهم من رفاق الحزب، ومن بينهم توفيق. وحكم على توفيق بالسجن لمدة ستة أشهر قضى الأسابيع الأولى منها في "سجن الجلمة"، وهناك جعل توفيق من غرفته في السجن "ناديا" للحزب، فقد كتب على قطعة من الكرتون "نادي الحزب الشيوعي، فرع الجلمة" وعلقها على جدار الغرفة. ثم نـُقِل لتقضية بقية مدة الحكم في "سجن الدامون" فكانت هذه فترة إنتاج شعري خصبة لتوفيق، وقمت أنا بتهريب إحدى قصائده من السجن، فحين كنت أزوره مع أهلي، وكنت في الرابعة عشرة في ذلك الوقت، ناولني ورقة خبأتها تحت ملابسي، وكانت فيها قصيدة "جزية النصر"، وهي منشورة في ديوانه "كلمات مقاتلة".

علاقتنا، أنا وتوفيق، تطورت مع مرور الوقت من ألفة ومودة إلى حب وتعلق، ثم قررنا أن نرتبط بالزواج، وتزوجنا في 31 آذار عام 1966 في أول زواج مدني يتم عقده في إسرائيل. فأنا مسيحية وهو مسلم، وكان موقف توفيق واضحاً وثابتاً؛ لن يغير أحد منا دينه، لأنه لم يختر أحد منا دينه بنفسه، ولأن كلاً منا يحترم أهله ومشاعرهم ومعتقداتهم. وهذا ما كان، وبرضا الجميع. ورزقنا بأربعة أطفال، بنتان وولدان. وكانت الأولى "وهيبة"، وقد اخترنا اسمها بالقرعة، فحين زارني توفيق في المستشفى بعد الولادة كتب كل اسم من الأسماء التي يحبها وكل اسم من الأسماء التي أحبها على قصاصة ورق ثم طلب مني أن أختار واحدة، وكانت "وهيبة"، وكان هذا من الأسماء القليلة التي كانت مفضلة على كلينا. أما الطفل الثاني فأسميناه "أمين" على اسم والد توفيق، ولم يكن هناك مجال للنقاش أو التردد لأننا كنا نحترم العادات والتقاليد العربية بنفس الدرجة. أما المولود الثالث فأسميناها "عبور"، ولهذا الاسم قصة؛ فبعد حرب أكتوبر عام 1973 كتب توفيق قصيدة بعنوان "العبور الكبير"، ونشرت القصيدة في صحيفة الحزب الشيوعي العراقي "الطريق"، فاستاء الإسرائيليون جدا، وحين أصبح عضواً في الكنيست عام 1974 قامت القيامة عليه في إسرائيل وطالب الكثيرون برفع الحصانة البرلمانية عنه لتقديمه إلى المحاكمة، فكان رد توفيق عليهم من على منبر الكنيست: "طـُز! روحوا إعملوا اللي بدكوا اياه." وانشغلت وسائل الإعلام العبرية بنقاش لا نهاية له حول معنى كلمة "طـُز"، وفي النهاية رد عليهم توفيق بكل بساطة واستخفاف: "طـز هي كلمة تركية معناها ملح." وبهذا هدأت الزوبعة، ولكن حين رزقنا ببنت بعد ذلك بقليل سماها توفيق "عبور" "جقارة فيهم". ثم جاء المولود الأخير عام 1976 على أثر فضح "وثيقة كينغ" العنصرية الشهيرة التي حذر فيها "يسرائيل كينغ" من تكاثر العرب وطالب بحده. وفي نهاية فترة الحمل كان توفيق في جنيف، وكنت أزور المستشفى في الناصرة لوحدي، وحين كان توفيق يتصل ليطمئن عليّ كنت أقول له: "طالما أنه يولد 60 طفلاً عربياً في مستشفى واحد في الناصرة كل يوم، فنحن بخير." وبعد الولادة أرسل توفيق رسالة عاجلة إلى "كينغ" يقول فيها: "رزقنا طفلاً أسميناه فارس، وأتمنى أن يعيش لا في ظلك بل في ظل المساواة."

كان توفيق يحب المواليد الجدد بشكل خاص، وكان يحمل المولود ويشمشمه ويقول: "أجمل شيء في الطفل ريحته." وكان مولعاً بالأطفال، يرى فيهم لذة الحياة وآمالها، وعبارته الشعرية المشهورة التي يقول فيها "وأعطي نصف عمري للذي يجعل طفلاً باكياً يضحك" كانت نابعة من صميم قلبه. وأول شيء كان يفعله حين يعود إلى البيت من عمله هو اللعب مع الأطفال، ليس فقط أطفاله هو، بل كان يبدأ بأطفال الحارة، فكان "يتحركش" بهم إلى أن يبدءوا باللعب معه، فيصبح صديقا لهم يحبونه محبة غريبة. وبسبب انشغاله الشديد وغيابه الكثير عن البيت كان كثيراً ما يشعر بأنه مقصر مع أولاده، فكان أول ما يدخل إلى البيت يبدأ بالسؤال: "وين الأولاد؟ شو عاملين؟" ويذهب إليهم للاطمئنان عليهم. وكثيراً ما كان يحس بالحسرة لأن مشاغله كانت تأخذه من الأولاد.

لم يكن توفيق يميز بين البنت والولد أو بين الصغير والكبير، بل كان دائماً يقف مع صاحب الحق إلى أن ينال حقه. ولكن في السنوات الأخيرة تطورت لديه علاقة عطف خاصة تجاه "عبور"، وكان لذلك سبب خاص: ففي "الإضراب الكبير" الذي عم الناصرة احتجاجاً على مقتل سبعة عمال فلسطينيين في "ريشون لتسيون"، اجتاحت قوات الشرطة منزلنا، وكان توفيق غائبا عن البيت، فاعتقلوني أنا، وضربوا قنبلة غاز مسيل للدموع في ساحة البيت، فأصيبت عبور بعينها، وكان عمرها 15 عاماً. ومنذ ذلك الوقت أصبح توفيق يشعر بمسؤولية خاصة تجاه عبور بسبب إصابتها، وقضى أشهراً وهو يلف بها على كل من عرفهم من أطباء في المنطقة.

وبنفس الطريقة كان توفيق يتعامل مع زملائه وموظفيه، فلم يكن يميز بينهم، وكانت علاقته بهم حميمة على اختلاف درجاتهم ومناصبهم وأنواع أعمالهم. وحين كان رئيساً للبلدية كان الموظفون يبدءون يوم عملهم كل صباح بالذهاب إلى مكتب توفيق ليقولوا له "صباح الخير". وفي تلك الفترة كان أهل الناصرة يعتبرون البلدية بيتهم، فكانت مكاتب البلدية وقاعاتها مفتوحة للجميع، وكان توفيق كرئيس للبلدية لا يرفض استقبال أي إنسان من أهل الناصرة أياً كان مركزه وخلفيته. وكان توفيق يحب الناس وعشرتهم، ويُسَلم على كل من يلقاه في طريقه حتى وإن لم يكن يعرفه، وحين كنت أسأله كيف يُسَلم على شخص لا يعرفه، كان يقول "حتى إذا كنت أنا ما بعرفه، هو يعرفني، فعيب ما أسلم عليه." وطوال الأعوام كان الشباب يطلبون الجلوس مع توفيق للتعلم منه والاكتساب من خبرته، فكان يستقبلهم في مكتبه أو في البيت ويستمتع بالحديث معهم غاية الاستمتاع.

وعلى الرغم من انشغاله الشديد كان توفيق يحب السهرات و"قعدات الأصحاب"، وخصوصاً على شاطئ بحيرة طبريا في ليالي الصيف. فمع أنه كان عادةً يحب البقاء في البيت بعد العمل، كان أحياناً يعود من العمل في المساء فيبدأ بالاتصال بالأصحاب، وبعد ساعة أو اثنتين نكون على شاطئ طبريا، فتلتم الناس من حولنا وتتحول "القعدة" إلى ما يشبه حفلة أو سهرة عرس، فنسهر هناك حتى الثالثة أو الرابعة صباحاً. أما في أيام الأحد فكان يأخذ الأولاد في مشوار إلى القرى المهجرة أو إلى سهل صفورية، فيروي لهم التاريخ ويعرفهم على أسرار الطبيعة.

كان توفيق يحب الجمال في كل شيء... في الطبيعة والإنسان كما في اللوحة الفنية والمقطوعة الأدبية. وكان يعشق المرأة الجميلة، ويرى أن جمال المرأة لا يكتمل إلا بجمال عقلها وروحها. ولكنني لا أستطيع أن أقول أنه كان يفضل النساء على الرجال. كان يحب "القعدة" الممتعة بغض النظر، ولكنّ وجود النساء الجميلات كان يزيد من متعة "القعدة" في نظره.

وكان توفيق يستمتع بقراءة القصص والروايات، لكنه كان يقرأ كل أنواع الكتب، قديمها وجديدها، وبنهم شديد. وفي الفترة الأخيرة من حياته كان مستغرقاً في قراءة كتاب سوفييتي عنوانه "الفيزياء المسلية"، ولا أعرف السر في انشغاله بهذا الكتاب. وكان يقرأ كل ما تقع عليه يده من الصحف، العربية والعبرية، ويتابع كل ما أمكنه من نشرات الأخبار في التلفزيون، ويشاهد مباريات كرة السلة. وكان يهوى جمع التراث الشعبي الشفوي كالأمثال والأغاني الشعبية بأنواعها، وانعكس ذلك في كتاب "صور من الأدب الشعبي الفلسطيني" الذي ألفه في الستينيات، ولكنه ظل طيلة حياته يدون الأمثال والأغاني الشعبية ويصنفها. وعلى الرغم من أنه لم يمارس الرسم بالمعنى الحقيقي، إلا أن أحدهم قام باكتشافه كرسام بارع في أواخر الثمانينيات، وذلك من خلال "الخربشة" التي كان يقوم بها في الاجتماعات والمؤتمرات، فبعض هذه "الخربشات" ترقى إلى مستوى اللوحات الفنية. وقبل وفاته بعام طلب توفيق كل أدوات الرسم، وكان ينوي الشروع في ممارسة هذه الموهبة، إلا أن المنية لم تمهله.

كان توفيق يهوى صيد السمك، لكنه لم يمارس هذه الهواية كثيراً لضيق الوقت. وكان يحب أن يلهي نفسه بـ "الدخان العربي" فيفرمه وينشفه وينقيه من الشوائب، وفي بعض الأحيان كان ينشف الورد والخس ليخلطهما بالدخان العربي كنوع من التجربة. إلا أن هوايته المفضلة في أيام الصيف كانت اللعب مع الأطفال في ساحة البيت، فكان بعد الغداء يأخذ ساعة من القيلولة ثم ينزل إلى ساحة البيت ويبدأ برشها بالماء، فيتجمع حوله أطفال الجيران ليرشهم بالماء، فيقضي ساعة من الوقت في لعبة رش الماء مع الأطفال، وكان يقوم بذلك بمتعة كبيرة يستعيد من خلالها قوته ونشاطه.

لم يكن توفيق يحب أن ينام بمعدة فارغة، فكان إذا شعر بوخزة جوع في آخر الليل ينهض من الفراش ويتسلل إلى المطبخ ويبدأ "بتلفيق" عشاء غريب يخلط فيه ما تقع عليه يداه، ولكنه كان بشكل عام يحب "الأكل الزِّفِـر" كالسمك والكرش، وكانت أكلته المفضلة "المغربية" (المفتول). وكان من عادة توفيق أن يفيق بشكل مفاجئ في الليل فيكتب بعض الكلمات أو رؤوس أقلام لقصيدة، ثم يعود للنوم. وكان في العادة يستصعب القيام من النوم في الصباح ويتلكأ في النهوض من الفراش، ولكنه كان يلتزم بالمواعيد ولا يتأخر عن عمله مهما كانت الأسباب. وعلى ذكر النوم والقلق، أذكر بشكل خاص القلق الذي انتاب توفيق ليلة حرب الخليج الأولى، خوفاً على الأولاد. وخلال الحرب كان يرفض أن يستعمل الكمامة، ولكنه كان يسرع لإلباسها للأولاد كلما انطلقت صفارات الإنذار.

كان توفيق سريع الغضب، وكان حين يغضب تنطلق الكلمات من فمه كالحمم، لكنه كان يثور بسرعة ويهدأ بسرعة، وكان أفضل علاج لغضبه هو تجنب مواجهته والنقاش معه إلى أن يهدأ. وسورات غضبه في الاجتماعات الجماهيرية والمحافل العامة وجلسات الكنيست مشهورة ويشهد له التاريخ بها، فكان "يطـُسّ" أعضاء الكنيست ولا يوفر أحداً منهم، وفي إحدى جلسات الكنيست كان يكيل الاتهامات للحكومة الإسرائيلية فقاطعه الوزير العنصري "زئيفي" صائحاً: إنت سكران"، فانفجر توفيق به: "إنت سكران من الدم العربي اللي سفحتوه." وكان أكثر ما يثير غضبه هو الكذب، والسرقة، و"الغلط" بحق الآخرين، وأكثر صفة كان يكرهها هي الكذب، فكان دائما يقول للأولاد: "صديقك مَن صدَقـك، لا مَن صدَّقـك."

وكان توفيق عفوياً وارتجالياً في كل شيء إلا في عمله، وخصوصاً في عمله البلدي والبرلماني، فكان يدرس القضايا بعمق ويدقق في كل التفاصيل قبل الاجتماعات، وكان يحَضّـر مرافعاته في الكنيست بمنتهى الجدية إلى درجة أن الوقت الذي كان مخصصاً رسمياً لتحضير المرافعات لم يكن يكفيه، فكنت أرافقه من الناصرة إلى القدس لكي نتناوب على قيادة السيارة فيتمكن من ترتيب أفكاره والتدقيق في كلماته، خصوصاً وأنه لم يكن يجيد الكتابة بالعبرية، فكان يكتب خطاباته بالعربية ويضع فوق بعض الكلمات ما يقابلها بالعبرية، ثم يقوم بالترجمة الفورية من العربية إلى العبرية أثناء الإلقاء. وكان هذا النوع من الأداء يرهقه جداً، ولما كان يمتزج الإرهاق بالغضب والانفعال وهو يلقي كلماته كان يحمرّ وجهه وتترنح أطرافه وتنسكب الكلمات من بين شفتيه فيبدوا وكأنه "سكران"، فكان أعداؤه السياسيون يستغلون ذلك عن قصد للطعن في أهليته. والحقيقة أن توفيق كان يفقد مقدرته على الإبداع إذا شرب، ولذلك كان لا يشرب أبداً في وقت العمل أو التحضير أو الكتابة، لا في البيت ولا في المكتب، ولم يكن يشرب في البيت أبداً، بل كان يفعل ذلك في أوقات المتعة و"قعدات الكيف" فقط. أما في أوقات العمل والتحضير والكتابة فكان يدخن ويحتسي القهوة بنهم. وكان توفيق يدخن بكثرة إلى حد أنه كان يشعر أحياناَ بالضيق والتوعك، فكان يحاول التخفيف بأن يدخن نصف السيجارة ثم يطفئها، ولكن هذا لم يكن يدوم طويلاً فيعود إلى التدخين كالمعتاد. والأسوأ من كثرة التدخين هو أنه لم يكن يدخن نوعاً من السجائر بالتحديد، بل كان يدخن كل أنواع السجائر المتوفرة، وفي نفس الوقت.

كانت لدى توفيق قناعة شبه مطلقة بالمبدأ الشيوعي والفكر الاشتراكي، فحتى انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1989 لم يزحزح هذه القناعة. صحيح أن "الانهيار" أصابه كالصاعقة وأدخله في فترة من التفكير العميق وحساب الذات، وكتب في أثناء ذلك قصيدته الشهيرة "النـدّابة"، إلا أنه لم يفقد الأمل، بل زادت قناعته بأن الصحيح لن يؤدي إلا إلى الصحيح حتى وإن انتصر الخطأ في جولة من الجولات. وكان مقتنعاً تماماً بأن انهيار الاتحاد السوفيتي نتج عن خطأ في التطبيق وليس في النظرية، وأنه كان من المفروض أن يقوم الزعماء والمفكرون السوفييت بتقريب الفلسفة الماركسية إلى الواقع العملي، فالماركسية قابلة للتعديل لتصبح أكثر واقعية وملاءمة لمتطلبات الواقع المتغير. وقد دخل توفيق في جدال حاد مع بعض زملائه من رفاق وقادة الحزب الشيوعي الذين رؤوا في انهيار الاتحاد السوفييتي بداية النهاية للحزب، فكان يخالفهم الرأي ويرى أن السبب في وجود الحزب هو ليس انتماءه الإيديولوجي للاتحاد السوفييتي وإنما انتماؤه الوطني لفلسطين وقضيتها، وأن الحزب لا يخوض معركة للدفاع عن الأنظمة الشيوعية في العالم وإنما للدفاع عن الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ومن أجل نيل حقوق هذا الشعب من الدولة الصهيونية التي تسببت في مأساته ولا تكف عن الاعتداء عليه وعلى حقوقه.

كان توفيق يؤمن طوال حياته أن الوطن أهم من أي شيء آخر، وأن مصلحته فوق كل المصالح، وأن الانتماء إليه أقوى من الانتماء إلى أي عقيدة أو منهج أو مبدأ. كان يحترم الدين، ولكنه كان يحترم كل الأديان ودوماً يردد القول الشعبي: "كل من على دينـُه الله يعينه"، ولذلك كان يرى أن الوطن يجب أن يوحدنا على الرغم من اختلاف دياناتنا، وأن انتماءنا الديني مهما كان نوعه يجب أن يعزز انتماءنا الوطني لا أن يضعفه، فالدين إيمان – علاقة بين العبد وربه – وليس حزباً سياسياً في معركة انتخابية... في مظاهرة جماهيرية حاشدة نظمها الحزب الشيوعي في مدينة شفاعمرو عام 1989 لدعم الانتفاضة والتنديد بالقمع الإسرائيلي في المناطق المحتلة، قام بعض أعداء الحزب السياسيين باللعب على وتر الدين لتخريب المظاهرة، فادعوا أن اشتراك النساء في المظاهرات حرام، واتهموا الحزب بالخروج على الدين والأخلاق وطالبوا الناس بعدم الاشتراك في المظاهرة، وفي خطاب توفيق في تلك المظاهرة رد على هذه الادعاءات وقال: "نساؤنا حرائر وشريفات، ونحن نثق بهن ونفتخر بحريتهن."

كانت فلسفة حياة توفيق تتلخص في ثلاثة أمور: أولا، أن التعلم شرط أساسي للنضال والتحرر، فتحرر الأمم والشعوب لا يتم إلا بتحرر العقول. وثانيا، أن الكرة الأرضية صغيرة وهشة، فعلينا أن نعمل ما في وسعنا للمحافظة عليها من أجل الإنسانية. وثالثا، أن العطاء يجب أن يكون بلا حدود ولا مقابل، وهذا هو معنى التضحية، فجوهر التضحية هو تفضيل الغير على النفس، وقمة التضحية أن يضحي الإنسان بنفسه من أجل الآخرين. هكذا كان الوضع في زمن توفيق، ومخيمات العمل التطوعي التي نظمها وأشرف عليها ورعاها لعدة سنوات كرئيس للبلدية كانت أروع تجسيد لهذه الروح. أما الآن فقد تغيرت الأحوال، وللأسف الشديد، فالآن الكل يقول "أنا"... "أنا"، والكل يركض وراء الشهرة والمصلحة الذاتية ولا يلتفت للآخرين.

رحل توفيق عنا بشكل مأساوي في الخامس من تموز عام 1994، ولديَّ شعور بلوم الذات وتأنيب الضمير لأنني تركته يعود بسيارته لوحده ولم أرافقه... في الثالث من تموز وصل "أبو عمار" إلى غزة، فتشكل وفد من الناصرة للسفر إلى غزة لتهنئة أبي عمار بالعودة، وبالطبع كان توفيق على رأس الوفد. وفي طريق العودة، عدت أنا مع بقية الوفد إلى الناصرة بالباص، وسافر توفيق بسيارته إلى القدس لمهمة خاصة هناك وللسفر إلى أريحا في اليوم التالي لحضور التوقيع على "اتفاق أريحا". طلبت منه أن أرافقه إلى القدس وأريحا فرفض لكي لا يتعبني معه، وطلب مني أن أعود مع الوفد إلى الناصرة. أنا الآن ألوم نفسي على أني لم أحاول إقناعه بالعدول عن رأيه، ولكني في نفس الوقت أعرف أنه لم يكن ليعدل عن رأيه مهما حاولت. في الطريق من غزة إلى بئر السبع، كان توفيق يقود سيارته خلف الباص ويتوقف حين نتوقف ليكون معنا أطول وقت ممكن، ثم بعد ذلك انفصلنا فعدنا نحن إلى الناصرة وأكمل هو طريقه إلى القدس. وتحدثنا هاتفيا عدة مرات، وآخر مرة كانت في الثانية من بعد ظهر الخامس من تموز، حين اتصلت به لأطلب منه أن يسمح لي بالسفر إلى القدس لكي أرافقه إلى أريحا، فرفض. ثم قاد سيارته إلى أريحا، وفي الطريق خرجت السيارة عن مسارها واصطدمت بسيارة شحن قادمة بالاتجاه الآخر، فقتل على الفور. لا أحد يعرف لماذا خرج عن مساره، ولكني أنا شخصيا أعتقد أنه كان ملتهياً إما بأوراقه أو بالهاتف.

بعد رحيله بادرت أنا وبعض أصدقائنا ورفاق دربنا إلى إنشاء "مؤسسة توفيق زياد للثقافة الوطنية والإبداع" والتي تـُعنى بجمع تراث توفيق بكل أنواعه، من مقالات وخطابات ووثائق وقصائد وأغاني ورسومات، بالإضافة إلى رعاية واستضافة فعاليات وطنية فلسطينية في مجالات الفن والأدب والتراث.

 
 
 

تعليقات


  • Facebook
  • Instagram
  • Youtube
© توفيق زياد - جمعية للفنون والثقافة
bottom of page