top of page

الخطاب الأخير في الكنيست - شهادة فشل!

  • areej62
  • 24 سبتمبر 2021
  • 3 دقيقة قراءة

تاريخ التحديث: 22 أغسطس 2023

(الخطاب الأخير الذي ألقاه توفيق زياد من على منبر الكنيست، كان بالضبط قبل أسبوع من وفاته، في يوم الثلاثاء 28 حزيران 1994. وكان ذلك في إطار تقديم اقتراح لجدول أعمال الكنيست، حول نتائج لجنة التحقيق الرسمية في مجزرة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل المحتلة. هذه المذبحة التي وقعت في يوم 25 شباط 1994، عندما تمكن مستوطن إسرائيلي باسم د. باروخ غولدشتاين، من دخول الحرم خلال صلاة الفجر وقام بإطلاق الرصاص على المصلين. وأكد المصلون يومها ان الرصاص انطلق من أكثر من رشاش. وان قوات الجيش التي هرعت الى المكان أطلقت هي الأخرى الرصاص على الناس. وشكلت لجنة تحقيق رسمية سميت باسم رئيسها: شمغار، رئيس المحكمة العليا في إسرائيل. وقد خرجت اللجنة باستنتاج ان غولدشتاين هو المسؤول عن المجزرة).

سيدتي رئيسة الجلسة

الكنيست المحترمة

تقرير "لجنة شمغار" يذكرني بالقول المعروف: "لا جديد تحت الشمس". وحتى.. لا شعاع شمس جدي بالمرة.

اللجنة دخلت "المغارة"، وليس مهماً إن كانت تلك مغارة الحرم الإبراهيمي (المكان الذي يعتبره اليهود مقدساً في الحرم الإبراهيمي يسمى: مغارة المخبلاة) أو مغارة أخرى. عاشت داخلها 4 أشهر. حققت مع أكثر من 136 شاهداً. حضرت تقريراً على أكثر من 400 صفحة. والنتيجة: جاءت، حسب رأيي، "شهادة فشل".

"الخطيئة" الأساسية هي في أن اللجنة فصلت المذبحة داخل الحرم الإبراهيمي عن العالم المحيط وتجاهلت كل علاقة سببية بين الأمرين.

نحن من جهتنا (كتلة الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة في الكنيست) لم نطالب بلجنة تحقيق، لأن الأمور الأساسية كانت واضحة ولا تحتاج الى أي تحقيق.

واللجنة، بعد كل العمل الشاق الذي قامت به، وهو بالفعل عمل شاق، بشرتنا بما كان معروفاً.. ان المجزرة هي "عمل فرد واحد". وهذا الفرد هو باروخ غولدشتاين. وأقصد هنا ما حدث داخل الحرم الإبراهيمي. ولكن، سواء كان هذا عمل رجل واحد أو أكثر من رجل واحد، فليس هذا مهماً ولا الأمر الأساسي. فالأساس هو أن هذه مذبحة وانه راح ضحيتها عدد كبير من القتلى والجرحى، عشرات القتلى.

والقضية الأساسية في تقرير لجنة التحقيق انه تضمن تبرئة للمسؤولين الآخرين (عن المذبحة): تبرئة للاحتلال، وتبرئة للمستوطنين. وتبرئة لليمين المتطرف. وتبرئة للقيادة العسكرية وللحكومة ولسياستها العامة. ولذلك رأيناهم – جميعاً – يعبرون عن ارتياحهم من التقرير، ابتداء من عوزي لنداو (عضو كنيست يميني متطرف من الليكود) وغيره وحتى حنان بورات (عضو كنيست يميني متطرف من حزب المفدال الديني – الصهيوني، ويعتبر هذا النائب أحد قادة المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة) والى آخر مستوطن. فقد كانت هذه بمثابة تغطية على كل جرائم المستوطنين خلال 27 سنة.

وأعطى التقرير شرعية للاستيطان ولجرائم المستوطنين. ولم تجد اللجنة (لجنة التحقيق) مكاناً حتى للتوصية بحل مشكلة المستوطنين في الخليل نفسها، وهم الذين رأوا في باروخ غولدشتاين بطلاً قومياً.

وأعطى التقرير براءة للقيادة العسكرية، على الرغم من أن تعليماتها كانت واضحة، وسمعنا ذلك من الشهود. كانت التعليمات للجنود أن لا يطلقوا الرصاص على المستوطن حتى لو أطلق الرصاص ليس فقط على العرب بل وأيضاً على رجال الجيش.

والأمر الثاني ان الجنود واصلوا المجزرة خارج الحرم الإبراهيمي. وفي ذلك اليوم قتل ستة مواطنين من الخليل ثم قتل أكثر من 20-30 مواطناً في الخليل وغيرها من الأماكن خلال الأيام التي تلت مجزرة الحرم الإبراهيمي.

وكان التقرير بمثابة براءة للاحتلال ولسياسة الحكومة. تربة الاحتلال كانت خصبة لهذه المجزرة، ولجنة شمغار تبنّت، صيغة ومضموناً، القول "الشاعري" لرئيس أركان الجيش إن "المذبحة سقطت كالرعد في يوم صاف". هل حقاً؟ هذه الأيام، بعد 27 عاماً من سفك الدماء، هل هي يوم صاف؟ سبعة وعشرون عاماً من الاحتلال والقمع الدموي وهدر دم العرب الفلسطينيين والتحريض الدموي الذي نشاهده مئات المرات في التلفزيون بصيغة "الموت للعرب" وألوف القتلى والجرحى والتجويع والتثقيف الحقير بأن نضال الشعب العربي الفلسطيني للتحرر الوطني هو إرهاب وبأن الشعب الفلسطيني هو شعب من القتلة... كل هذا هو يوم صاف؟

وهل نسيتم المذابح الأخرى التي ارتكبت خلال 27 عاماً من الاحتلال؟

ها أنا أذكركم بما حدث قبل أربع سنوات في المسجد الأقصى بيد قوات الأمن، إذ جرى قتل أكثر من 25 مصلياً داخل المسجد. فإذا كان هذا كله يعرض كوطنية إسرائيلية يهودية، فلماذا لا يرغب غولدشتاين أن يكون "وطنياً" أكثر من غيره.. أكثر وطنية من الجيش ومن الاحتلال؟ وكذلك زملاؤه المستوطنون سيريدون ان يظهروا أكثر وطنية.

كل هذا، أسقطته لجنة شمغار من الحساب وتبنَّت مقولة "الرعد في يوم صاف".

لقد كان رئيس الحكومة أكثر صدقاً وواقعية وتفهماً للوضع، وأنا لا أمدح وإنما أحلل. كان أكثر واقعية عندما أعلن أنه "في المستقبل أيضاً لا يمكن ضمان عدم تكرار المذبحة، حتى داخل مسجد". انه يعرف ما يقول، لأنه يعرف أن استمرار الاحتلال والنزاع الدموي هو بالضرورة الدفيئة لهذه الممارسات.

أعضاء الكنيست المحترمين

فقط الإسراع في عملية السلام والتقدم نحو الحل الدائم وحل قضية المستوطنين وفي المقدمة إخلاؤهم الفوري من الخليل، يمكن أن يضع حداً لهذا الوضع.

بعد أيام سينسى تقرير لجنة شمغار، والذي سيَخْلُدْ هو ذكرى شهداء مجزرة الخليل التي هي "ليديتسي" الفلسطينيين، هي زهرة الدم الفلسطينية. والذي سيبقى هو صرخة الضحايا، ضحايا الاحتلال والاستيطان في الخليل وغيرها، التي هي صرخة "كفى للاحتلال.. كفى لسفك الدم".

 
 
 

تعليقات


  • Facebook
  • Instagram
  • Youtube
© توفيق زياد - جمعية للفنون والثقافة
bottom of page